عازف الناي واحدة من أجمل وأروع الأساطير

عازف الناي

إلى جوار شجرة عمرها مئات السنين ...يجلس " أورفيو" عازف الناي..فتى الوديان ساحر الأنغام...كانت أنغامه تثير غيرة الآلهة في السماء..من فيض أشجان تلك الألحان والتي كانت تجمع حولها كائنات الطبيعة..كل الكائنات يلتفون حول أورفيو لكي يعزف لهم..يناجيهم ويدفئ وجدانهم..ويداعب أحزانهم ويبهج أحوالهم ..نعم كان عزفه ملائكياً ...وفي يوم جلس أورفيو في انتظار محبوبته "يوريديس" أجمل جميلات الكون , ملاك خصها الله بسحر وفتنه وجمال يسبي القلوب ويسلب الفؤاد..حين تمشي تبدو وكأن موكباً ملائكياً من الحور قد هبطوا من السماء لكي يشهدوا على جمالها الرباني..جلست يوريديس بين أزهار النرجس والياسمين الذي يغطي أرجاء المكان...ورائحة العذارى تفيض وتملئ المكان بأقدس المشاعر الإنسانية...وكان اللقاء لا يدوم سوى لحظات حتى يأتي الغروب وترحل يوريديس وتترك أورفيو لكي يجن هذا الوجود بسمائه وأرضه ..بحوره وملائكته , يجنهم بسحر عزفه الذي جعل الملائكة تطلب من زيوس رب أرباب السماء أن ينزع ذلك السحر من ناي أورفيو لأنهم لا يحتملون أن يملك بشر تلك الموهبة الربانية....فيردهم زيوس رب الأرباب ويقول لهم أنا مانحة هذا السحر وأنا حاميه...فتذهب الملائكة إلى " بلوتو " إله الموت ورب العالم السفلي لكي يقبض روح أورفيو ...فيقول لهم لا أستطيع أن أقبض روحه وزيوس يحميه...فدبرت الملائكة أمرها بأن يقبض بلوتو إله الموت روح يوريديس فربما حزنه على محبوبته يسكت صوت نايه الشجي.
يذهب بلوتو إله الموت لكي يقبض روح يوريديس....ولكن ما أن شهد جمالها ووقعت عينه عليها حتى كانت فتنة سحرها وروعة جمالها أسرع منه فقبضت هي فؤاده وسلبت لبه...وحار وتردد إله الموت .....نعم..نعم أحبها الموت...وقع قابض الأرواح في عشق آدمي ..وقرر بلوتو أن يحتفظ بها دون أن يقبض روحها ويصطحبها معه إلى مملكته..إلى العالم السفلي المظلم..لكي تبعث فيه جمالاً وبهجة وتملئ عليه حياته...وبالفعل يخطفها إله الموت . وكانت لحظة الفزع الأعظم التي عاشها أورفيو ..حين أدرك أن محبوبته يوريديس قد أدركها هم كبير ...فراح يجوب أرجاء الكون بحثاً عن محبوبته...راح يسأل الحكماء والعشاق ..راح يسأل الصعاليك في الشوارع والنساك في المعابد...راح يسأل في الوديان القفار وأرجاء الصحراء...راح يناجي السماء بدموعه وبصوت نايه الحزين...راح يسأل البحار..راح يسأل القمر...راح يستغيث برب الأرباب زيوس وكل آلهة السماء......حتى هتف زيوس رب الأرباب..ألم تسمعون صوت بكاءه..إن شكواه ملئت الأرض والسماء...إن الوديان ترتعد ..القمر غاب..السماء عصفت غاضبة..والصحراء تردد أصداء أصواته..الكل حزين ...حتى الشياطين باتت تطلب له الرحمة...فنادى زيوس رب الأرباب بلوتو إله الموت يطلب منه أن يرد يوريديس إلى عالمها وإلى محبوبها...فيرفض بلوتو إله الموت لأن يوريديس قد أصبحت جزء من العالم السفلي بعد أن سقاها من عين الخلود , فأمر زيوس رب الأرباب أن تخرج يوريديس ليوم واحد فقط كل عام لكي تقابل محبوبها أورفيو ....
وهكذا خلدت الأسطورة بأن لحظات السعادة القليلة قد تكون هي عمر السعادة الأبدية.

تحياتي وتقديري

جميله القصه جدا يادكتور خالد