http://www.boswtol.com/Upload/Pages/1_43_10_14_30_4_2009_.jpg
شاهدت يوم الثلاثاء الماضي المسرحية الكوميدية التي أقيمت باستاد هيئة قناة السويس وكان أبطالها كلا من نادي الزمالك ونادي الإسماعيلي، وكم أعجبت بالدور الذي قام به الزمالك والذي يُشبه كومبارسات الأفلام الأبيض والأسود الذي يصدّر جسده للبطل؛ كي يمرح فيه ضرباً يميناً ويساراً أعلى وأسفل بينما لسان حاله يقول (كمااااان).
أرجو ألا تغضب مني جماهير الزمالك حيث إن الدافع الأساسي وراء ذاك الغضب الذي تشتعل به عباراتي هو غيرتي على ذلك المولود الجميل الذي رأيته متجسداً في المجموعة الناشئة التي نمَت عبر السنوات الأربع الماضية في رحم الفريق الأبيض وكانت على وشك أن ترى النور، ولكن.. دائماً هناك ولكن.
لم أرَ في الزمالك يوم الثلاثاء ذات الأنياب التي أخذ ينهش بها في لحم الفريق الأحمر في لقاء القمة الأخير وأعلن من خلالها أن الغابة لم يعد لها ملكاً واحداً كما كان الحال سابقا، وأنه انقلب على نظام الحكم الاستبدادي الأحادي الأحمر للدوري الممتاز معلناً عودة القلعة البيضاء إلى كرسي الحكم من جديد مع بداية الموسم القادم، إلا أنني لم أرَ سوى فريق بلا أنياب ولا أسنان ولا أذرع تبطش ولا أرجل تركل، رأيت فريق لا علم له بأساسيات التمركز الدفاعي أو الهجمات المرتدة أو كيفية السيطرة على وسط الملعب، رأيت فريق على فراش الموت مبتسما مرحباً بملك الموت الذي قَدم كي يقبض روحه بل ويستغيثه أن يفعل لأن في موته موتاً لآخرين.
قطعا لم أقتنع بأن هذا هو حال الفريق الأبيض في الوقت الحالي، فرغم أنني لم أرتَد مدارس الفيرير والمرديديه والليسيه ولم أتعلم بالجامعة الألمانية، إلا أنني مازلت محتفظ بقدر محدود من الفهم ولكنه كفيل بأن يجعلني أفهم أن الزمالك -ومن الآخر كده- فوت المباراة للإسماعيلي، لكن من الواضح أن 'التفويتة' فلتت من أقدام اللاعبين ففات الفريق الأصفر على الزمالك وليس من خلاله، وانتهى اللقاء بهذه النتيجة العجيبة، فلو كان فريق بحر البقر هو من يلعب لكان قد انتزع على الأقل تعادل من دراويش الإسماعيلية الذي لم يكن في أفضل حالاته على الإطلاق.
حقا كم كان أداء الزمالك فاشلا -ولا أقصد الأداء الفني فهذا مفروغ منه- ولكن الأداء التمثيلي، كان في منتهى التدني، فأصول التمثيل تقول بأن ينتظر الإسماعيلي ولو ربع ساعة قبل أن يحرز هدفه الأول ولكنه أحرزه في الدقيقة الثالثة، أصول التمثيل تقول بأن تكون النتيجة بين الفريقين متقاربة وليس 3-1 حتى لا يشعر المتفرجون بأي نوع من التواطؤ، أصول التمثيل تقول بأن يستمر الزمالك في الهجوم واللعب المرتد ولو شكليا وليس الانكماش الدفاعي رغم تأخره بهدف، أصول التمثيل تقول بأن يحرز الفريق الأبيض هدف الشرف المتفق عليه بشكل ملعوب وليس كما حدثت ووقعت الكرة من يد محمد فتحي ولو كان حارس ناشئ في نادي بطن الزير لما أفلتها كما فعل الأخير، بينما عبدالحليم علي لعبها بشكل أكروباتي متقن لا يتفق أبدا مع ازدحام منطقة الجزاء، وهو ما يدل أن الرجل تدرّب على الهدف كثيراً مع لاعبي الإسماعيلي قبل المباراة، أصول التمثيل لا تقول بأن يلعب أحمد مجدي رأسية داخل قلب منطقة جزائه المزدحم بلاعبي الإسماعيلي دون أن يشتتها للخارج، أصول التمثيل لا تقول بأن يقيم الفريقين في فندق واحد قبل اللقاء، وكأنهم يُخرجوا لسانهم للجميع قائلين: آه إحنا مظبطين مع بعض في حد عنده مانع، أصول التمثيل لا تقول بأن يخرج جماهير الإسماعيلية تزف أتوبيسي الفريقين حتى بوابة المدينة ، أصول التمثيل لا تقول بأن يصرح مدربي الفريق الأصفر مؤكدين أنهم أعطوا أوامر صريحة للاعبين بالاكتفاء بالنتيجة وعدم الهجوم على مرمى الزمالك.
ليست المشكلة في الهزيمة أو المكسب فهذا حال كرة القدم، فكم من فرق توجت بألقاب أعظم بطولات العالم وعادت لتخسر بنتائج ثقيلة من فرق متواضعة بالدوري المحلي ولنا في ريال مدريد -في عزه- قدوة في هذا الشأن، ولكن المشكلة في التفكير والعقلية، عقلية إن ماكنتش أكسب الدوري يبقى الأهلي ما يخدوش، عقلية الإسماعيلي عمنا لكن الأهلي عدونا، عقلية التفويت والتلاعب بالنتائج لتوجيه مسار الدوري.
عفوا مدرسة الفن واللعب والهندسة، عفواً يا عمالقة إفريقيا -سابقا- عفوا يا من خرج من بين أحضانكم حمادة إمام وأبو رجيلة وحسن شحاتة وفاروق جعفر وعبده نصحي وحنفي بسطان ويكن حسين وحازم وآخرين وآخرين، عفوا ليست هذه من شيم الكبار، الكبار لا يتلاعبون بالنتائج، الكبار يؤدون أمام كل فرق الدوري بنفس الروح والأداء، الكبار لا يقبلون الهزيمة لا من قريب ولا من حبيب، الكبار لا يخدعون الجمهور، الكبار يتوقفوا عن اللعب مع صفارة النهاية وليست مع صافرة البداية.
فعلا لاتعليق