----------------------------------------------------
ما أكثر الأبطال الذين تركوا وراءهم سيرة عطرة مضمخة بالمجد
والخلود 0فمهما حاولنا أن نكتب عنهم فلن نؤتيهم حقهم فهم
الأمل في الليلة الظلماء وما أكثر الليالي الظلماء في عصرنا
الحاضر التي مرة علينا تلك الليالي الظلماء ولا زلنا نكابدها
ونعاني مرارتها وقسوتها ونتحسس في ظلماتها لعلنا نستضئ
بنور يشع علينا بظهور مارد يخرجنا من غياهب الظـَلمات
والاستعباد والذل حتى نستعيد مجد الأمة ..ذلك المجد الذي
افتقدناه والذي نحن في أمس الحاجة إليه اليوم بعد أن تكالبت
علينا الأمم كما تتكالب الوحوش المفترسة على فريستها0او كما
قال الحبيب عليه أفضل الصلاة والسلام كما تتكالب على قصعتها
0 ومما لا شك انه في كل امة وفي كل مجتمع رجال عظام
استطاعوا أن يحققوا أشياء في حياتهم وحياة الآخرين من حولهم
0 هناك رجال يتحدث التاريخ عنهم بإعجاب وإكبار ويذكرهم
الناس بتقدير واحترام ولهم من المآثر والآثار مالا يزال ممتد
الأثر والتأثير عبر تاريخنا الطويل.. هذه المقدمة بداية لسرد
واقعتين حدثت في تاريخنا القديم التاريخ العباسي وهي تبين
معادن الرجال الأقوياء الذين كانوا يحكمون الأمة 00
عند ما كانت للأمة دولة وكان يحكمها رجال عُظماء .. كان الروم
في عهد الخليفة هارون الرشيد يدفعون الجزية في عهد الملكة
إيريني فلما توفت تولى الحكم بعدها الملك نقفور ..ونقض
المعاهدة وكتب إلى هارون الرشيد كتاب فيه : من نقفور ملك
الروم إلى ملك العرب هارون الرشيد ، أما بعد فإن الملكة إيريني
التي كانت قبلي أقامتك مقام الأخ، فحملت إليك من أموالها، ولكن
ذاك ضعف النساء وحمقهن، فإذا قرأت كتابي فاردد ما أرسلته
إليك تلك المرأة الحمقاء من الأموال ، وانج بنفسك، وإلا فالحرب
بيننا وبينك.فلما قرأ هارون الرشيد هذه الرسالة ثارت ثائرته، وغضب
غضبًا شديدًا، وكتب على ظهررسالة ملك الروم المتعجرف
وفيها : من هارون الرشيد أمير المؤمنين ، إلى نقفور كلب الروم
قد قرأت كتابك يا ابن الكافرة والجواب ما تراه لا ما تسمعه ،
فخرج هارون الرشيد بنفسه يقود الجيوش حتى وصل إلى مدينة
هرقلة وهي بالقرب من القسطنطينية فما كان من هذا الملك
الأرعن المغتر بنفسه إلا أن خرج ذليلا حقيرا يتودد ويعتذر
للخليفة العربي المسلم ومعه الهدايا والجزية فقبل الرشيد
اعتذاره ...
ولكن الخيانة كانت متأصلة في دم هذا الكلب الرومي فغدر
بالمعاهدة مرة أخرى . فعاد الرشيد إليه بالجيوش الجرارة وهزمه
شر هزيمة وقتل من جيوش الروم أكثر من ثلاثين إلف وجرح
الملك نقفور بعدة جروح ولكنه سلم من الموت ورضخ لشروط
الرشيد ... وكذالك واقعة أخرى للمعتصم بن هارون الرشيد
المعروفة بـ ( وامعتصماه ) وخلاصتها، ان امرأة عربية تعرضت
للظلم في بلاد الروم ( عمورية ) و يقال أنها تعرضت لكشف
عورتها وفي رواية أخرى انها أُسرت، المقصود انها تعرضت
للظلم وهي في اشد محنتها انطلقت منها صرخة مدوية لا
شعورية .. وامعتصماه قيل لها في سخرية واستهزاء أين أنتي
من المعتصم أنتي في الغرب وهو في الشرق فكيف يسمع
صراخك ..ولكن هذه الاستغاثة المدوية انطلقت تجوب الأرض
والسماء والبر والبحر الجو وألهو حتى وصلت إلى مسامع أمير
المؤمنين المعتصم بالله ابن هارون الرشيد فهاج وماج وأرعد
وأزبد كالأسد الغضنفر فانتصب قائما هو يردد بصوت جلي مرتفع
لبيك أختاه ... لبيك أختاه ... لبيك أختاه... لأرسلنَا لهم جيشا أوله
عندهم في عمورية وآخره عندي 0 ويحرم علي ملامسة الطيب
والنساء حتى أنصرك يا بنت الكرام ، فأمر في الحال بتجهيز
الجيوش وتحركت واستولى على عمورية0وجعل من هذه الغزوة
درس وعبرة لكل من تطاوعه نفسه ويتطاول على الأمة العربية
والإسلامية0والعبرة من هذه الواقعتين . كيف كان حال الأمة عند
ما كان يحكمها رجال بكل ما تعنيه الكلمة أسسوا كيان امة
عظيمة وجعلوا الأمم الأخرى تهابها وتحسب لها إلف حساب ...
تنهل من معين هذه الأمة...كانوا رجالاً عظماء في مستوى
المسئولية رجال لا يخضعون ولا يخنعون رجال اعدوا العدة
والعتاد بنولهم مجد فوق الأمم، وجعلوا شعوبهم فوق الشعوب
وكلمتهم هي العليا وكان العالم يستنبط منهم العلوم بكل أنواعها
والثقافة والأدب والعبرة الثانية تزييف تاريخ هذا الخليفة المجاهد
هارون الرشيد الذي فتحت في عهده البلدان في مشارق الأرض
ومغاربها والذي كان يقود الجيوش في الجهاد، وكان يسير مشيا
إلى الحج .. فقد جعلوا من هذا الخليفة ملك ماجن شهواني لا شغل
له إلا الجواري والعبيد و السهر والليالي الحمراء والركض وراء
الملذات والشهوات والخمر والنساء وربطوا تاريخه بحكايات ألف
ليلة ، والغربيين أنتجوا عشرات الأفلام الماجنة لتشويه التاريخ
العربي والإسلامي ، حتى بعض المؤرخين العرب سقطوا في
مستنقع التزييف . والمصيبة الكبيرة أنهم استندوا على المراجع
الغربية 00 أما حاضرنا فحدث ولا حرج ح يندى له الجبين
وتجف له الدموع في الآماق ... فقد اكتملت حلقات الدائرة التي
وضعها الأعداء على الأمة العربية --------فلتنهض هذة الامة لتلملم ما بقى من اشلائها-----------------------------------------
مون